عن الطعام حتى أهلك فيعيرك الناس، فقال لها: يا أمه والله لو كان لك مائة نفس وخرجت منك واحدة بعد أخرى ما تركت ديني وفي هذا صور رائعة من صور السيرة النبوية.
ومن المتبادر أن يكون الشباب الذين آمنوا رأوا أنفسهم في حرج لأن آيات الإسراء والأنعام تأمرهم بالبرّ والإحسان بوالديهم إطلاقا فأفضوا بحرجهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقتضت حكمة التنزيل نزول هذه الآيات للاستدراك ورفع الحرج وفي هذه صورة من صور تطور التنزيل القرآني.
[تعليق على وصف الشرك بالظلم العظيم]
ووصف الشرك بالظلم العظيم جدير بالتنويه لما فيه من تعظيم إثم الشرك.
ويتضح عظم هذا الإثم ومصداق هذا الوصف إذ يلاحظ أن المشرك يجني على نفسه جنايات متنوعة فهو أولا يناقض نفسه ويظهرها في مظهر السخف والغباء في اعترافه بالله الخالق المدبر النافع الضار، ثم إشراك غيره معه في الدعاء والاتجاه والعبادة. وثانيا يعرض نفسه لسخط الله وغضبه في شذوذه عن الحق وما يجب عليه من الإخلاص له وحده وفي تسويته بينه وبين بعض خلقه. وثالثا يخضع نفسه لمفهومات وتصورات وقوى باطلة لا حقيقة لها وليس من شأنها أن تجلب له خيرا أو تدفع عنه ضرا.
[تعليق على اختصاص الأم بالذكر]
واختصاص الأم بالذكر جدير بالتنويه أيضا حيث ينطوي فيه من ناحية تنبيه إلى الحنان العظيم الذي تمنحه الأم لوليدها، ومن ناحية تنبيه إلى ما يجب على الأولاد نحو أمهاتهم خاصة من واجب البر والرحمة. ولقد أخرج البخاري ومسلم حديثا عن أبي هريرة جاء فيه أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من أحقّ الناس بحسن صحبتي يا رسول الله؟ قال له: أمّك، قال: ثمّ من؟ قال: أمّك، قال: ثم