للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من عذاب وذلة ومسكنة وفي الإهابة بالمسلمين بتجنب ذلك، واعتبار ما كان من أمر اليهود دروسا يتعظون بها.

وفي كتب التفسير تفصيلات طويلة في صدد القصة وجزئياتها معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وتابعيهم «١» قد تدل على أن القصة كانت متداولة في بيئة النبي صلّى الله عليه وسلّم مع حواش وشروح. وليس لهذا مصدر غير اليهود ولم نر طائلا في إيراد تلك التفصيلات أو تلخيصها لأن القصة كما هو واضح من أسلوبها لم تورد لذاتها وإنما وردت لبيان ما كان اليهود القدماء يجنحون إليه من لجاج.

[[سورة البقرة (٢) : آية ٦٢]]

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢)

. تعليق على آية إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ

عبارة الآية واضحة، وفيها تقرير لرضاء الله عن من آمن بالله واليوم الآخر إيمانا صادقا وعمل الصالحات من أهل الملل المذكورة فيها وتبشير لهم.

ولقد روى الطبري أن الآية نزلت جوابا على سؤال من سلمان الفارسي للنبي صلّى الله عليه وسلّم بعد إسلامه عن مصير قوم من النصارى أخبروه ببعثته وكان من الممكن أن يؤمنوا لو التقوا به.

والمشكل في الأمر وضع الآية في سلسلة يعود ما قبلها وما بعدها إلى أحوال اليهود المعاصرين ومواقف الموجودين منهم في الحجاز من الرسالة الإسلامية وسيرة بني إسرائيل القديمة أولا، وكون اليهود بعد عيسى يعتبرون على ما تفيده نصوص قرآنية عديدة مثل آيات سورة آل عمران [٥٢- ٥٧] وآية سورة النساء [١٥٠] وآية سورة الصف [١٤] لأنهم كذبوا عيسى وكفروا به واستحقوا العذاب


(١) انظر تفسير الطبري الذي استغرقت هذه التفصيلات فيه اثنتين وعشرين صفحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>