للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في سياق آيات مكية أخرى وبخاصة آية سورة الروم [٢٣] فلا نرى محلا للإعادة والزيادة.

ولقد روى ابن كثير عن مجاهد عن أم سلمة أنها قالت إن آخر آية نزلت هي الآية [١٩٥] وليس هذا الحديث من الصحاح. والآية جزء غير منفصل من سلسلة.

فالتوقف فيه أولى.

ولقد وقف بعض المفسرين «١» عند جملة الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ ولمحوا فيها تجويزا للصلاة في هذه الحالات وأوردوا حديثا عن عمران بن الحصين رواه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم جاء فيه: «صلّ قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب» «٢» .

والحديث يبنى على سؤال من الحصين بسبب بواسير كانت فيه. وظاهر أنه صدر للترخيص لمعذور وليس له صلة بالآية التي نحن في صددها والتي هي في صدد التنويه بالفئة المخلصة التي تذكر الله في كل حالاتها. والصلاة هي صورة من صور ذكر الله وليست كل صوره.

[سورة آل عمران (٣) : الآيات ١٩٦ الى ١٩٨]

لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ (١٩٦) مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ (١٩٧) لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ (١٩٨)

. عبارة الآيات واضحة. وقد تضمنت تنبيها للنبي صلى الله عليه وسلم والسامعين من المؤمنين بالتبعية بعدم الأبوه والاغترار بما يتمتع به الكفار من أسباب القوة والبروز في الدنيا. فليس هو إلّا متاع قصير الأمد ثم يكون مأواهم جهنم في حين تكون منازل المتقين الجنات التي تجري من تحتها الأنهار وبذلك يثبت أن ما عند الله للأبرار هو خير وأفضل مما عنده للكفار.


(١) انظر تفسير الخازن وابن كثير.
(٢) التاج، ج ١ ص ١٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>