وضمير لَمَّا صَبَرُوا يحتمل أن يكون راجعا إلى بني إسرائيل كما يحتمل أن يكون إلى الأئمة. ورجوعه إلى الأئمة أوجه لأنهم الأقرب إلى الجملة أولا ولأن الوصف لا يمكن أن يكون شاملا لجميع بني إسرائيل لا في زمن موسى ولا بعده لأن أسفار العهد القديم من لدن موسى «١» قد سجلت انحرافات كثيرة دينية وخلقية لفئات كثيرة من بني إسرائيل كانت أحيانا غالبيتهم الكبرى. وهو ما رددته آيات قرآنية عديدة مكيّة ومدنيّة. وقد مرّ منها أمثلة عديدة مثل آية الأنعام [١٤٦] وآيات الأعراف [١٤٨- ١٥٣ و ١٦٠- ١٧٠] وكان ترديده في القرآن أقوى وأشدّ وأوسع لأنه ربط بين مواقفهم من الرسالة المحمدية والقرآن وبين مواقف آبائهم وانحرافاتهم الدينية والخلقية في زمن موسى وبعده كما جاء في آيات سورة البقرة [٤٠- ١٤٩ و ٢٤٦- ٢٥٣] وسورة آل عمران [٥١- ١٢٠] والنساء [٤٤- ٥٢ و ١٤٩- ١٦١] والمائدة [١٢- ١٣ و ٣١- ٣٣ و ٤١- ٤٥ و ٥٠- ٧١] .
وجملة لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ صريحة الدلالة على سبب جعل الله تعالى منهم أئمة يهدون بأمره. والآيات التي ذكرنا أرقامها آنفا من مكيّة ومدنيّة ونصوص الأسفار الكثيرة جدا. ثم عدم إيمان من لم يؤمن منهم بالرسالة المحمديّة التي ذكرت الآيات القرآنية أن صفات نبيها مكتوبة في التوراة وأنهم كانوا
(١) إن هذا مبثوث بكثرة في معظم أسفار العهد القديم بحيث لا يحتاج إلى إيراد الأمثلة. فكل من تصفح هذه الأسفار أو شيئا منها يجد الدليل على ذلك. اقرأ إذا شئت كتابنا «تاريخ بني إسرائيل من أسفارهم» .