وهذا الموقف من الآيات المحكمات والمتشابهات هو الجدير بذوي العقول الراجحة الذين يتعظون بالموعظة والتذكير ويقفون عند الحق الموقف الواجب.
تعليق على الآية هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ ... إلخ والآيتين التاليتين لها ومداها في صدد التنزيل القرآني
لقد روى المفسرون روايتين في نزول الآيات جاء في واحدة منها أن جماعة من اليهود سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن الحروف المتقطعة في أوائل السور ومدة نبوته ومدة الحياة الدنيا بقصد تعجيزه وإفحامه، فنزلت الآيات لتدمغهم بالزيغ والمماحكة وقصد صرف الناس عن آيات القرآن المحكمة وإثارة شكوكهم وشبهاتهم. وجاء في واحدة أن وفد نصارى نجران بعد أن تناظروا مع النبي في أمر عيسى ودعاهم النبي إلى المباهلة امتنعوا وقالوا له ألست تقول إن عيسى من روح الله وكلمته قال بلى. فقالوا هذا حسبنا فنزلت الآيات لتندد بهم وتذكر أنهم احتجوا بالآيات المتشابهة وتركوا الآيات المحكمة التي تنزّه الله عن الولد وتقرر أن عيسى عبد الله ورسوله وأنه دعا إلى عبادة الله وحده وأن ولادته كانت بمعجزة ربانية وحسب.
والروايتان لم تردا في الصحاح. غير أن اتفاق الرواة على أن صدر سورة آل عمران نزل في مناسبة قدوم وفد نصارى نجران ومناظرته مع النبي تجعل الرجحان للرواية الثانية.
والروايات تدور حول نزول الآية الأولى أي السابعة مع أن هذه الآية والآيتين اللتين بعدها جملة واحدة نزلت معا في ما يتبادر لنا. والمتبادر أن حكمة التنزيل اقتضت تنزيل الآيات الثلاث معا لإتمام التقرير للموقف الذي يجب أن يقفه الراسخون في العلم وذوو العقول الراجحة من الآيات المحكمة والمتشابهة.