(٣) تستجيبون بحمده: قيل معناها تستجيبون لأمره، وقيل تستجيبون إليه مسبحين حامدين رغم أنوفكم.
الآيات متصلة كما هو المتبادر بما سبقها واستمرار لها في صدد حكاية موقف الكفار ومشاهد حجاجهم الوجاهية، حيث احتوت حكاية سؤالهم الاستنكاري عن صحة ما ينذرهم به النبي صلى الله عليه وسلم من البعث بعد أن يصبحوا عظاما بالية، وعن موعد هذا البعث وعمن يبعثهم، وحيث أمرت النبي صلى الله عليه وسلم بتوكيد ذلك لهم حتى لو كانوا حجارة أو حديدا أو شيئا أشد استعصاء على الإعادة والإرجاع، وبإخبارهم بأن ذلك قد يكون أقرب كثيرا مما يظنون، وبأنهم حينما يدعون ويبعثون سيدركون ما يكون من وفاء الله بوعده حتى إنهم ليظنون أنهم لم يلبثوا بين الموت والبعث إلّا فترة قصيرة ويستجيبون لأمره مسبحين حامدين له برغم أنوفهم، معترفين بقدرته وعظمته، وحيث حكت إصرارهم على الإنكار والجحود وهزهم لرؤوسهم استنكارا واستهزاء حينما قيل لهم إن الله الذي خلقهم أول مرة هو قادر بطبيعة الحال على بعثهم ثانية.
وفي الآيات صورة من صور الجدل الذي كثيرا ما كان يحتدم بين النبي صلى الله عليه وسلم والكفار وبخاصة حول البعث والحساب، وأسلوب من أساليب الحجاج التي كانت تختلف باختلاف المواقف.
وقد احتوت حجة ملزمة مستمدة من عقيدتهم بأن الله هو الخالق الفاطر مما تكرر في القرآن ومرت منه أمثلة عديدة.