ولعل ما جاء في آيات سورتي (المؤمنون) و (النحل) التي أوردناها آنفا من ذكر لعذاب أو بلاء رباني قد وقع فعلا عليهم هو لتحقيق ما أنذرهم الله من عذاب دنيوي في آيات سورة الدخان. ويلحظ في رواية تفسير آية النحل أنهم كانوا يرون السماء شبه دخان من الجوع مما قد يكون فيه تصديق ذلك. وعلة هذه الرواية أنها تفيد أن عذاب الله وقع عليهم بعد الهجرة وقد يكون ذلك التباسا والله أعلم.
بقي ما ورد في الأحاديث النبوية عن كون الدخان من أشراط الساعة مع آيات أخرى. فإذا صحت فيكون هذا أمرا آخر غير الدخان الذي يوجه الإنذار به إلى الكفار السامعين بسبب مواقفهم الجحودية والذي تذكر الآيات وعد الله بكشفه اختبارا لهم على ما هو المتبادر. ويكون ذكره في سياق هذه الآيات من قبيل ذكر الشيء عند ذكر ما يماثله. ويكون مما شاءت حكمة الله ورسوله الإنذار بحدوثه عند قيام الساعة حينما يأتي الوقت المعين في علم الله تعالى ويوقف عنده مع الإيمان به كما هو الواجب تجاه كل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن من الأمور الغيبية.
[تعليق على توالي الإنذار بانتقام الله]
ويلحظ أن الإنذار بانتقام الله من كفار العرب قد توالى في هذه السورة وما قبلها حيث يلهم هذا أن الكفار قد أخذوا يشتدون في مناوأتهم وأذاهم.
ونستطرد إلى ذكر مسألة من المسائل التي يثيرها بعض الباحثين من غير المسلمين حيث جعل توالي إنذار القرآن بالانتقام في هاتين السورتين وغيرهما ووصف الله بالغضب وبذي الانتقام وبالقوي وبالشديد العقاب وبالبطش وبالجبار والقهار المتكبر المهيمن إلخ، وبعض الباحثين من غير المسلمين ومن جملتهم