والذي يتبادر لنا أن جمع الأمر بغض الأبصار وحفظ الفروج في جملة واحدة قرينة قرآنية على أن القصد من الأمر بالغضّ هو عدم النظر إلى المرأة الأجنبية نظرة جنسية شهوانية. وأن الأحاديث هي في صدد ذلك من حيث الجوهر. ويلفت النظر إلى الحديث الذي ينهى عن إتباع النظرة بالنظرة فالنظرة الأولى تكون صدفة ومعفوا عنها، فإذا أتبعت بأخرى صارت نظرة مريبة آثمة. وفي الآية التالية التي تأتي بعد هذه الآية تسويغ لإسفار المرأة عن وجهها أمام الأجانب. هذا سواغ تبادل الكلام والنظر. وهذا ما كان جاريا من لدن النبي صلى الله عليه وسلم إلى الآن. وورد ذلك في أحاديث وروايات كثيرة وهو المعقول التعامل بدون انقطاع، وهو سائغ ما دام ليس شهوانيا آثما والله تعالى أعلم. وعلى كل حال فالآية هي بسبيل حثّ المؤمنين على التمسك بأهداب العفة وتوقي أسباب الفتنة والفاحشة وعلى عدم التبذل في كشف ما لا يأتلف مع الحياء من أجسادهم وعوراتهم. وكل هذا أدب رفيع متسق مع الذوق السليم والخلق الكريم في كل ظرف ومكان.