مع أن هذه الجملة جاءت لتدعم تشريع الفيء الذي احتوته الجملة السابقة لها ثم لتوطيد سلطة النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك فإنها جاءت في صيغة مطلقة فصارت تشريعا عام الشمول بوجوب اتباع أوامر النبي صلى الله عليه وسلم ونواهيه وسننه القولية والفعلية كجزء من العقيدة الإسلامية. وقد أكد هذا في آية أقوى في سورة النساء وهي: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً (٨٠) بالإضافة إلى آيات أخرى فيها تدعيم مثل آيات آل عمران [٣١ و ٣٢] والنساء [٥٩ و ٦٨] والنور [٥٢] والأحزاب [٧١] والفتح [١٧] . والجملة التي نحن في صددها والآيات التي أوردناها أو أشرنا إلى أرقامها تتضمن إيذانا من الله عزّ وجلّ بعصمة النبي صلى الله عليه وسلم فيما يأمر به وينهى عنه عن الأمر إلّا بما هو صالح وخير وعن النهي إلّا بما هو ضارّ وباطل.
وتنبيه على أن هذا ليس من شأنه أن يتناقض مع ما تضمنته بعض الآيات من عتاب للنبي صلى الله عليه وسلم على بعض ما فعله. فهذا كان منه اجتهادا بأنه خير وصالح. ولم يكن يعلم ما هو الأولى في علم الله بدون وحي. ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر وينهى كثيرا باجتهاد منه فكان القرآن يسكت عن ذلك مقرّا أو يؤيده نصّا أو يعاتب عليه ويوحي بما هو الأولى حسب مقتضى حكمة الله على ما شرحناه في مناسبات سابقة.
وهناك أحاديث نبوية رواها أصحاب الصحاح في دعم ذلك وتوضيحه.
من ذلك حديث رواه الشيخان عن أبي هريرة عن النبي وأورده الأئمة والمفسرون في سياق الجملة التي نحن في صددها قال: «ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم فإنما أهلك الذين من قبلكم