ولقد تكرر هذا كثيرا من علماء الكلام والمفسرين لدعم مذهب أو رأي أو تأويل حيث يعمد بعضهم إلى اقتطاع آية من سلسلة أو جملة من آية ويوردونها دليلا، في حين أن بقية الآية أو بقية السلسلة في صدد آخر لا تتحمل ما أرادوا تحميله لهما مما مرّ منه أمثلة عديدة.
[تعليق على ما وصف بكذبات إبراهيم عليه السلام]
ويورد المفسرون في سياق جملة إِنِّي سَقِيمٌ المحكية عن لسان إبراهيم في هذه الآيات وفي سياق جملة: بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ في الآية [٦٣] من سورة الأنبياء حديثا رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة جاء فيه: «قال النبي صلى الله عليه وسلم لم يكذب إبراهيم عليه السلام قطّ إلا ثلاث كذبات ثنتين في ذات الله قوله إِنِّي سَقِيمٌ وقوله بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا وواحدة في شأن سارة. فإنه قدم أرض جبّار ومعه سارة وكانت أحسن الناس فقال لها إنّ هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك فإن سألك فاخبريه أنك أختي فإنك أختي في الإسلام فإنّي لا أعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك. فلمّا دخل أرضه رآها بعض أهل الجبّار فأتاه فقال له لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي أن تكون إلّا لك فأرسل إليها فأتي بها فقام إبراهيم عليه السلام إلى الصلاة فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها فقبضت يده قبضة شديدة فقال لها ادعي الله أن يطلق يدي ولا أضرّك ففعلت فعاد فقبضت يده أشدّ من الأولى فقال لها مثل ذلك ففعلت فعاد فقبضت أشدّ من القبضتين الأوليين فقال لها ادعي الله أن يطلق يدي فلك الله ألّا أضرّك ففعلت فأطلقت يده، ودعا الذي جاء بها فقال له إنك إنما أتيتني بشيطان ولم تأتني بإنسان فأخرجها من أرضي وأعطها هاجر. قال فأقبلت تمشي فلما رآها إبراهيم عليه السلام انصرف الخادم فقال لها مهيم (ماذا جرى؟) قالت خيرا كفّ الله يد الفاجر وأخذ الجزء الرابع من التفسير الحديث ١٥