لقد شغفت منذ شبابي بالقرآن، وتذوقت أسلوبه الرائع الحكيم في شتى مواضيعه ودعوته وتوجيهاته وتقريراته، واطلعت على جملة من كتب التفسير وغيرها من الكتب العربية قديمها وحديثها مما يتصل بموضوع القرآن ومبادئه وأهدافه والجدل حوله، واستظهرت كثيرا من روائعه الجهادية والأخلاقية والاجتماعية والروحية، وكانت لي منهاجا في ظروف حياتي التعليمية والجهادية ثم تيسرت فرصة السجن في دمشق قبل الحرب العالمية الثانية من قبل السلطات الإفرنسية بسبب الثورة الفلسطينية فرغت فيها لنفسي، ورأيتها سانحة مباركة للاشتغال بالقرآن وخدمته أكثر من ذي قبل، فحفظته غيبا من جهة وعدت إلى قراءة ما تيسّر لي من كتب التفسير والكتب القرآنية الأخرى من جهة أخرى، وألفت كتبي الثلاثة فيها «١» ، فكان لي من ذلك مجال لإدامة النظر وإمعان الفكر والتدبر وانتهى بي الأمر إلى اليقين بأن أفضل الطرق لفهم القرآن وتفسيره أن يلاحظ الناظر فيه الأمور التالية مجتمعة:
(١) «عصر النبي وبيئته قبل البعثة» - «صور مقتبسة من القرآن» . صدر عام ١٣٦٦/ ١٩٤٧، و «سيرة الرسول» جزءان- «صور مقتبسة من القرآن» صدر عام ١٣٦٧/ ١٩٤٨، و «نظم القرآن ودستوره في شؤون الحياة» .