يقف المواقف المذكورة بها إلّا الفاسقون. وهذا لا يمنع أن يكون بعض اليهود قالوا للنبي صلّى الله عليه وسلّم ما روته الرواية عن موقف من مواقف حجاجهم ولجاجهم.
ومما أورده المفسرون في صدد العهد الذي نبذه فريق من اليهود المذكور في الآية الثانية أنه العهد الذي أعطوه لله تعالى بأن يعملوا ما في التوراة ومن جملة ذلك اتباع كل نبي يدعوهم إلى الله وشرائعه ومن جملتهم النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم الذي يجدونه مكتوبا عندهم على ما جاء تقريره في الآية [١٥٧] من سورة الأعراف، وقد رووا أنهم قالوا للنبي حينما ذكرهم بهذا العهد: إن الله لم يعهد إلينا فيك شيئا ولم يأخذ لك علينا عهدا.
وهذا وجيه ومتسق مع التقريرات القرآنية فيما هو المتبادر.
ومن المحتمل أن تكون الآية الثانية بسبيل ربط غابر اليهود بحاضرهم حيث أرادت القول إن في كل وقت يأخذ الله عهدا على بني إسرائيل أو يعاهدون فيه الله على عهد ينبذه فريق منهم وإن هذا كان شأنهم في الغابر وهو شأنهم اليوم.
وفي حالة صحة هذا الاحتمال كما نرجو تكون كلمة فريق في الآية بالنسبة للحاضرين شاملة لجميع اليهود. ولسنا نرى ورود كلمة (فريق) في الآية الثالثة ناقضا لهذا الاحتمال على ضوء التقريرات القرآنية التي مرت والتي تنسب الكفر والجحود إلى عامة بني إسرائيل الحاضرين. على أن من المحتمل أنه أريد بذلك استثناء الذين آمنوا وصدقوا منهم على ما ذكرناه وأوردنا الآيات الدالة عليه في نبذة سابقة عقدناها على أسباب تنكر اليهود للدعوة المحمدية. وجملة: بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ في الآية الثانية على كل حال تفيد أن النابذين هم الأكثر.