الأمم مع فرق هو أن آية فاطر حكت تمنيهم مجيء نذير وهذه الآية توقعت تمنيهم نزول كتاب.
ونظن أننا في غنى عن التنبيه إلى أن الآية [١٥٦] ليس من شأنها نقض ما قررناه مرارا من أن العرب قد عرفوا كثيرا من المعارف الدينية وغير الدينية من طريق أهل الكتاب وأن كثيرا مما عرفوه وارد في أسفار العهد القديم والجديد.
فالمحكي المفروض هو عدم اطلاعهم ودراستهم وفهمهم هذه الأسفار مباشرة على اعتبار أن الهداية لا تتم إلّا بذلك.
[تعليق على موضوع ترجمة الكتب السماوية السابقة]
وقد تفيد الآية [١٥٦] أنه لم يكن للكتب التي كانت في أيدي أهل الكتاب في بيئة النبي صلى الله عليه وسلم ترجمة عربية. وهناك حديث رواه البخاري عن أبي هريرة جاء فيه:«كان أهل الكتاب يقرأون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إليكم» حيث يفيد الحديث نفس الشيء.
ومن الأمور اليقينية أنه كان كتل كبيرة عربية في بلاد الشام وجزيرة الفرات والعراق العربي في عهد دولتي الغساسنة والمناذرة يدينون بالنصرانية.
والمستبعد أن لا يكون في أيديهم ترجمة لما كان يتداوله أهل النصرانية من كتب دينية من جملتها التوراة وأسفار العهد القديم التي كان فيها الشرائع التي يلتزمون بها لأن رسالة عيسى عليه السلام لم تنسخ من الشرائع الموسوية إلّا القليل كما يفيد ذلك آية سورة المائدة هذه: وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (٤٦) وآية سورة آل عمران هذه حكاية عن لسان عيسى: وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ [٥٠] وهو الأمر