والآيات غير منفصلة عن السياق السابق موضوعا ولا نظما. وقد جاءت بأسلوب انتقال والتفات، وهو ما جرى عليه النظم القرآني.
والآية الأولى منها تحتوي أول تنزيل قرآني صريح في مهمة رسالة النبي صلّى الله عليه وسلم ونعته بنعت الرسول ثم توالى ذلك وتنوع حيث نعت بالنبي وبالنذير وبالبشير، وهي نعوت توضيحية لمهمة الرسالة.
[تعليق على قصة موسى وفرعون]
والإشارة إلى فرعون وموقفه من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إليه أولى إشارة قرآنية إلى أخبار ومواقف المكذبين الأولين عامة وفرعون خاصة.
واقتضاب الإشارة من جهة وأسلوب الآيتين الأوليين من جهة أخرى يدلان أولا على تلك الأولية، وثانيا على أن قصة موسى وفرعون ليست غريبة عن سامعي القرآن. ولقد ذكرت قصة موسى وفرعون بتفصيل كثير في سفر الخروج. وهو من أسفار العهد القديم. وكانت هذه الأسفار متداولة بين أيدي اليهود والنصارى في بيئة النبي. صلّى الله عليه وسلم. ولا بد من أن العرب غير الكتابيين قد سمعوا القصة منهم. ويبدو هدف الإنذار والتذكير للكفار في مضمون الآيات وأسلوبها واضحا وهو الهدف الرئيسي من الإشارة والقصة في القرآن. وقد سبقت بآيات تنديدية وإنذارية وألحق بها مثل ذلك جريا على أسلوب النظم القرآني الذي نوهنا به سابقا وفيه توكيد لذلك الهدف أيضا.
ولقد تكرر ورود قصة موسى وفرعون وأخبار بني إسرائيل وأنبيائهم أكثر من غيرهم من الأنبياء والأمم الأولين، كما أن هذه القصة والأخبار جاءت مسهبة أكثر من غيرها أيضا.
ولقد كانت كتلة كبيرة من بني إسرائيل مستوطنة في بيئة النبي عليه السلام منذ بضعة قرون قبل البعثة، وشغلوا حيزا كبيرا في هذه البيئة اجتماعيا ودينيا وثقافيا