تعليق على الآية وَإِذا جاؤُكُمْ قالُوا آمَنَّا ... إلخ والآيتين التاليتين لها وما فيها من صور وتلقين
وقد روى الخازن أن الآية الأولى نزلت في جماعة من اليهود كانوا يأتون إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيعلنونه بإيمانهم به في حين كانوا كاذبين.
والرواية لم ترد في كتب الحديث المعتبرة ومع احتمال صحة الواقعة المروية التي حكت مثلها آيات أخرى في سور أخرى «١» فإننا نرى انسجاما تاما بين الآيات واتصالا وثيقا بينها وبين الآيات السابقة سياقا وموضوعا مما يسوغ القول أنها نزلت معها جملة واحدة أو نزلت عقبها لإكمال السياق. وكل ما يمكن أن يكون أن السياق احتوى فيما احتواه إشارة إلى الواقعة المحكية في الرواية في جملة الوقائع التي صدرت منهم والأخلاق التي اتصفوا بها في معرض التنديد بهم والتحذير منهم والنهي عن موالاتهم ومصانعتهم.
وفي الواقعة المحكية من بشاعة سوء القصد ونية الكيد والدس ما هو واضح. وهذا من مشاهد مواقف اليهود الخبيثة إزاء النبي صلى الله عليه وسلم ودعوته مضافة إلى مشاهد مواقفهم المماثلة إزاء المؤمنين. وقد تكرر هذا وذاك منهم على ما حكته آيات عديدة في سور سابقة كما قلنا. ومع ذلك فإن صدر النبي صلى الله عليه وسلم كان يحتمله منهم لأنه كان في نطاق المماحكة والمكر والكلام ولم يتبدل موقفه منهم إلّا حينما تجاوزوا هذا النطاق إلى التظاهر بالعداء والتآمر مع الأعداء على ما نبهنا عليه في سياق تفسير سورة البقرة والأنفال وآل عمران والنساء والحشر والأحزاب والجمعة والفتح.
والآية الثالثة في احتوائها معنى التنديد بأحبار اليهود وربانييهم تلهم أنه كان لهم ضلع ويد بارزة في المواقف الخبيثة التي كان يقفها اليهود فضلا عما تفيده من
(١) انظر تفسير آيات البقرة [٧٦ و ١٠٥] وآل عمران [٧١- ٧٤] .