في الآية حكاية لبعض أقوال ومواقف الكفار إزاء القرآن حيث كانوا يتواصلون فيما بينهم على التشويش على النبي صلى الله عليه وسلم حينما يتلو القرآن أو معارضته باللغو والتجريح والتهويش ذهابا منهم إلى أن هذا مما يضمن لهم الغلبة والفوز على النبي صلى الله عليه وسلم وإحباط دعوته وإزالة أثر القرآن في نفوس سامعية منهم.
ولم نطلع على رواية خاصة في سبب نزول الآية، وهي معطوفة على ما قبلها بحيث يسوغ القول إنها نزلت لتحكي صورة أخرى من مواقف المشركين وعنادهم وأنها استمرار للسياق ومتصلة به.
ولقد نبهنا في المناسبات السابقة إلى ما كان من كثرة جدل المشركين في القرآن وطلبهم أحيانا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتي بقرآن آخر أو يبدله ويكفّ عن تسفيه أحلامهم وسبّ آلهتهم فيه على ما حكته آيات عديدة مرّت أمثلة منها في السور السابقة. وكان القرآن يردّ عليهم ثم يستمر في إنذارهم والتنديد بهم وبشركائهم.
ولقد كانت بلاغته وروحانيته وهداه تنفذ إلى أعماق بعضهم وتحمل ذوي القلوب الصافية وخاصة من الشباب على الدخول في الإسلام على ما حكته الروايات الكثيرة ونوهت به الآيات العديدة. فالظاهر أن كبار المناوئين من المشركين يئسوا من تراجع النبي صلى الله عليه وسلم من جهة واشتد خوفهم من استمرار نفوذ القرآن إلى الناس من جهة أخرى فكان منهم هذا التواصي الذي حكته الآية والذي ينطوي فيه صورة من صور السيرة النبوية، ولقد روى الطبري عن مجاهد أن الكفار كانوا يوصون بعضهم بالتشويش على القرآن بالمكاء والصفير. وروى البغوي عن ابن عباس أنهم كانوا يتواصون بالتشويش عليه ومعارضته بالرجز والشعر والتخليط واللغو والعبارة القرآنية تتحمل كل ذلك.