ولقد جاء في سورة آل عمران هذه الآية كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٨٦) حيث انطوى فيها توضيح وتأييد لما ذكرناه.
وهذه الآية ومثالها المذكورة آنفا يصح أن تكون ضوابط لما جاء مطلقا في آيات أخرى من ضلال وهداية مثل وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ إبراهيم [٢٧] ويُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ البقرة [٢٦] وكَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكافِرِينَ غافر [٧٤] اختار الظالمون والفاسقون والخائنون والكافرون مواقفهم رغم إنذارات الله ودعوة رسله فلم يعودوا يستحقون عناية الله واستحقوا غضبه وعدم توفيقه ثم عذابه.
(١) يدرؤون: يدفعون ويتقون أو يقابلون السيئة بالحسنة.
(٢) اللغو: الكلام الباطل.
(٣) الجاهلين: هنا بمعنى السفهاء أو الضالين.
احتوت الآيات خبر مشهد واقعي لفريق من أهل الكتاب. أعلنوا إيمانهم وتصديقهم برسالة النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن حينما تلي عليهم وتنويها بهم وخبر ما لقوه من سفهاء الكفار وما كانوا يبذلونه من صدقات فلهم أجرهم مضاعف بما صبروا وقابلوا الحسنة بالسيئة وأنفقوا مما رزقهم الله، وبما كان منهم إزاء الجاهلين الذين كانوا يؤذونهم بأقوالهم السخيفة حيث كانوا يعرضون عنهم ولا يعبأون بهم