فهم ينفقون أموالهم ويؤلبون الناس للصدّ عن سبيل الله. وسيذهب ما ينفقون هباء. وسيكون عليهم حسرة. وسيغلبون في الدنيا. ثم يحشرون إلى جهنّم في الآخرة. ولقد اقتضت مشيئة الله أن يميز الخبيث من الطيب وأن يجتمع الخبيث بعضه إلى بعض وأن يلقى في جهنّم وأن يكون أصحابه هم الخاسرون في الدنيا والآخرة.
تعليق على الآية وَإِذْ قالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٣٢) وما بعدها إلى آخر الآية [٣٧]
المصحف الذي اعتمدناه يذكر أن هذه الآيات أيضا عدا الأخيرة مكيات مثل الآيتين [٣٠ و ٣١] وروى الطبري أن الآية [٣٣] نزلت في مكة ثم خرج النبي صلى الله عليه وسلم من بين أظهرهم فاستغفر لمن بقي فيها من المسلمين ثم خرج هؤلاء فعذب الله الكفار. وهناك حديث يرويه الشيخان عن أنس جاء فيه:«قال أبو جهل اللهمّ إن كان هذا هو الحقّ عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم فنزلت وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ إلى جملة وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ»«١» . هذا في حين أن أسلوب الآية الأولى من الآيات الخمس تذكيري مثل أسلوب الآيتين [٣١ و ٣٢] اللتين رجحنا مدنيتهما لمشابهة أسلوبهما لأسلوب الآية [٢٦] التي لا خلاف في مدنيتها. وفي الآية [٣٦] أمر إنما كان منهم بعد الهجرة وهو الاستعداد للحرب والإنفاق في سبيلها.
وجملة فَذُوقُوا الْعَذابَ في الآية [٣٥] هي على الأرجح إن لم نقل الأحسم في صدد ما وقع عليهم في بدر. ولهذا كله لا يمكن التسليم بمكية الآيات