الأحاديث تبشير وإنذار متساوقان مع ما استهدفته الآية كما هو المتبادر.
[سورة الحجر (١٥) : الآيات ٦ الى ٨]
وَقالُوا يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (٦) لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٧) ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَما كانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ (٨)
(١) الذكر: كناية عن القرآن.
(٢) لو ما: مرادفة «لولا» بمعنى هلا للتحدي.
في الآيات حكاية لقول من أقوال الكفار وتحدياتهم حيث كانوا حينما يسمعون النبي صلى الله عليه وسلم يتلو القرآن ويقرر أنه وحي من الله يتحدونه مستهزئين معجزين بالإتيان بالملائكة ليؤيدوه إن كان صادقا في قوله، وينعتونه بالمجنون بسبب ما يخبر به ويقرره. وقد احتوت الآيات ردّا عليهم في صدد الملائكة بأن الله تعالى إنما ينزل الملائكة حينما يأتي الموعد المعين في علمه بالحق. وحينئذ لا يبقى إمكان لإمهال الكفار وتأجيل هلاكهم وعذابهم.
ومع أن الله تعالى ينزل ملائكته بالحق في مهمات عديدة منها العذاب والتدمير على ما جاء في آيات كثيرة مرّت أمثلة منها في السور التي سبق تفسيرها فإن العبارة هنا تلهم أنها بسبيل العذاب والتدمير تنفيذا لوعيد الله واستهدافا لإنذار الكفار.
ولقد قرئت كلمة (ننزل) بصيغة (تنزل) فيكون الملائكة (فاعلا) والمعنى يظل على حاله في صحة أيّة من القراءتين.
ولم يرو المفسرون رواية ما في صدد نزول الآيات التي تلهم أنها بسبيل حكاية مشهد من مشاهد المناظرة الوجاهية بين النبي صلى الله عليه وسلم والكفار. وإذا صح هذا فتكون الآيات السابقة لها بمثابة مقدمة وتمهيد.