الله صلّى الله عليه وسلّم يقول إن أول شيء خلقه الله القلم ثمّ خلق النون وهي الدواة ثم قال له اكتب قال وما أكتب قال اكتب ما يكون أو ما هو كائن من عمل أو رزق أو أجل فكتب ذلك إلى يوم القيامة. فذلك قوله ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ. ثم ختم على القلم فلم يتكلم إلى يوم القيامة. ثم خلق العقل وقال وعزّتي لأكملنّك فيمن أحببت ولأنقصنّك ممن أبغضت» . وحديث رواه ابن جرير الطبري مرويا عن معاوية بن قرة عن أبيه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ. لوح من نور. وقلم من نور يجري بما هو كائن إلى يوم القيامة» . وأورد المفسرون أقوالا عن بعض التابعين تفيد أن القلم المقسم به في الآية هو هذا القلم الذي أمره الله أن يكتب ما هو كائن. ومع ذلك فقد قالوا أيضا إنه أريد بالقلم المقسم به جنس القلم مطلقا وأريد بالقسم به تعظيم الكتابة وأدواتها حيث يفيد هذا أن الذين قالوا هذا لم يأخذوا الأحاديث النبوية كتفسير قاطع للمراد بالقلم المقسم به في الآية. ونحن نرى هذا هو الأوجه. ولعل اتباع القلم بجملة وما يسطرون وسبقه بكلمة نون المفسرة بالدواة من مقويات هذا الترجيح. لأن صيغة المضارع تفيد الحاضر والمستقبل في حين أن أمر الله للقلم المذكور في الأحاديث هو في صدد أمر مضى. كما أن الاتساق في المعنى والموضوع بين معنى وعمل القلم هنا وفي آيات سورة العلق من مقوياته أيضا، والله أعلم.
وما احتوته الأحاديث من كتابة المقادير بالقلم على اللوح متصل ببحثي القدر واللوح مما سوف يكون موضوع تعليق في مناسبات آتية.
[تعليق على الأقسام القرآنية]
والآية الأولى تضمنت قسما ربانيا، والآيات الثلاث هي جوابه. والأيمان الربانية أسلوب قرآني مألوف كثير الورود والصور، بسبب كون الأيمان أسلوبا تخاطبيا مألوفا كما هو المتبادر. وهناك سور عديدة تبدأ بالأيمان مما يمكن أن يعتبر كأسلوب من أساليب النظم القرآني في مطالع السور.