وتتجلى صميمية النبي صلى الله عليه وسلم الرائعة واستغراقه في مهمته في إعلانه ما جاء في الآيات [٢٠- ٢٢] من أنه إنما يدعو إلى الله وحده وأنه لا يملك لأحد ضرّا ولا رشدا وأنه لن يجيره من الله أحد إذا تهاون في أداء المهمة التي انتدبه إليها كما تجلّت في سياق إعلان الآية [١٨٧] من السورة السابقة.
تعليق على جملة لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ
وبمناسبة ورود هذه الجملة في الآية الأخيرة نقول إن مثل هذه الجملة وما في معناها قد تكرر في مواضع كثيرة مثل لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً [الكهف: ١٢] ووَ ما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ [سبأ:
ولما كان علم الله تعالى محيطا وشاملا لكل ما كان ويكون ولكلّ ماض وحاضر ومستقبل ولكلّ سرّ وعلن ولكلّ ما في صدور الناس وليس من شيء من كونه وخلقه غير معلوم عنده مما قررته آيات مكية ومدنية كثيرة جدا تغني كثرتها عن التمثيل فمن واجب المؤمن أن يؤمن بذلك وأن يعتبر مثل هذا التعبير أسلوبيا بمعنى (ليظهر) و (ليتبين) و (لينكشف) ما هو خاف على الناس من أحداث وأفعال وصور. وهذا هو ما عليه جمهور المؤولين. وهو من المألوفات الخطابية والله تعالى أعلم.