للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا لا إلّا أن نقطع لإخواننا المهاجرين مثلها» . وروى البخاري عن أبي هريرة قال: «قالت الأنصار أقسم بيننا وبين إخواننا النخيل. قال: لا. فقالوا أتكفونا المئونة ونشرككم في الثمرة قالوا سمعنا وأطعنا» . وأورد ابن كثير حديثا جاء فيه:

«قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن إخوانكم قد تركوا الأموال والأولاد وخرجوا إليكم فقالوا أموالنا قطائع بيننا وبينهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أو غير ذلك قالوا وما ذاك يا رسول الله قال هم قوم لا يعرفون العمل فتكفونهم وتقاسموهم الثمر فقالوا نعم يا رسول الله» . ولقد آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين رجال المهاجرين وبين رجال من الأنصار فكان مما فعله الأنصار تجاه من آخاهم معهم النبي من المهاجرين أن قاسموهم بيوتهم وأشركوهم في أعمالهم وأموالهم حتى لقد طلّق بعضهم بعض زوجاته لييسر لأخيه المهاجر التزوّج بها على ما جاء في كتب السيرة والتفسير. وكل هذا بوادر مؤيدة لما وصف الله به الأنصار في قوله: وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ.

وفي صدد الجملة وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ أورد ابن كثير حديثا عن أبي هريرة قال: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنّم في جوف عبد أبدا. ولا يجتمع الشحّ والإيمان في قلب أبدا» . وحديثا عن جابر بن عبد الله رواه مسلم أيضا قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إياكم والظلم فإنّ الظلم ظلمات يوم القيامة واتّقوا الشحّ فإنّه أهلك من كان قبلكم. حملهم على أن يسفكوا دماءهم ويستحلّوا محارمهم» . وهكذا يتساوق التلقين النبوي مع التلقين القرآني في هذا الأمر كما هو في كل أمر.

[سورة الحشر (٥٩) : الآيات ١١ الى ١٧]

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (١١) لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ (١٢) لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (١٣) لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ (١٤) كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٥)

كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ (١٦) فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ (١٧)

.

<<  <  ج: ص:  >  >>