(٢) وأمرا للنبي صلى الله عليه وسلم بالرد عليهم بأن لا يحلفوا، وأن المطلوب منهم هو الإذعان والطاعة في ما هو خير ومصلحة ومعروف، وأن الله خبير بأعمالهم ونياتهم.
(٣) وأمرا آخر للنبي بأن يؤكد عليهم وجوب الإخلاص في طاعة الله ورسوله وعدم الاكتفاء بالقول، ففي إخلاصهم هدى وخير ومصلحة لهم وإذا أعرضوا فكل مسؤول عن واجبه وعمله، فالرسول مسؤول عما أوجب الله عليه وحمّله إياه وهو التبليغ والإرشاد. وهم مسؤولون عما أوجب عليهم وحملهم إياه من الإخلاص والسمع والطاعة، وضرر تقصيرهم وعدم إخلاصهم عائد إليهم.
تعليق على الآية وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (٥٣) والآية التالية لها وما فيها من صور وتلقين
قال المفسرون: إن المنافقين لما صار القرآن يندد بإخلاصهم ويفضحهم جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحلفون له بأنهم مخلصون وأنهم مستعدون لتنفيذ كل ما يأمرهم به حتى لو أمرهم بالجلاء. أو يحلفون له على استعدادهم للجهاد حالما يدعوهم إليه «١» .
ولم يسند المفسرون أقوالهم بسند. والآيات تؤيد الأقوال. غير أن أسلوبها لا يدل على أنها نزلت مباشرة بسبب ذلك. ففيها حكاية لأقوالهم. وهي معطوفة على ما قبلها، وضمائر الجمع الغائب والجمع المخاطب فيها عائدة إلى الذين ندد بهم في الآيات السابقة، بحيث يمكن القول إنها متصلة بها سياقا وموضوعا.
والذي يتبادر هو أنها والآيات السابقة نزلت معا لتحكي مواقف المنافقين المذكورة فيها وتندد بهم. وقد انطوت هذه الآيات كذلك على معنى عدم الثقة فيما يتظاهرون به ويحلفون عليه، واستهدفت ما استهدفته الآيات السابقة من توطيد الطاعة والإخلاص لله ورسوله.