وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ ما خَلَقَ اللَّهُ ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٥) فإذا لحظنا أن منازل القمر أو دوراته اليومية التي تتبدّل بها صوره كانت هي الوسيلة الممكنة المشاهدة لمعرفة حساب الأيام والأشهر والسنين بالنسبة للسامعين رغم كونها ليست دقيقة تبين لنا أن حكمة التنزيل إنما اقتضت أن يكون الخطاب كما جاء بسبيل تنبيه السامعين إلى نواميس كون الله وإثبات وجوده وقدرته على ما هو ملموح بقوة من فحوى السلسلة التي نحن في صددها وسياق آية سورة يونس المذكورة وأمثالها لأنه كان هو المفهوم من قبل السامعين بمداه ومعناه. وتبين لنا مدى ما في تجاوز هذا النطاق إلى استخراج النظريات الفنية من القرآن أو تطبيقها على الآيات القرآنية من تجوّز وتمحّل وخروج بالقرآن عن نطاق حكمة تنزيله.
ونعود إلى التنبيه مرة أخرى في هذه المناسبة إلى أن ما قلناه لا يعني حظر دراسة أسرار الكون على المسلمين بمختلف الوسائل وعلى مختلف المستويات.
فهذا شيء وذاك شيء آخر. بل إن إيذان الله تعالى للبشر ومن جملتهم المسلمين أن الله سخّر لهم ما في السموات وما في الأرض ليوجب عليهم ذلك لأن الانتفاع بما سخّره لهم الله لا يتمّ إلّا به. والله تعالى أعلم.
تعليق على تعبير ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ...
وبمناسبة ورود تعبير ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ نقول إن كثيرا من المسلمين يسوقون هذا التعبير في معرض عقيدة القضاء والقدر وكمستند لها به في حين أنه قد جاء في معرض بيان أن حركة الشمس والقمر وتعاقب الليل والنهار كل ذلك يجري ضمن حساب رباني مقدّر على أحسن أسلوب وأدقّ ترتيب.
وبكلمة أخرى إن كلمة «تقدير» هنا تعني الحساب الدقيق وليس لها صلة بعقيدة القدر ولا يصحّ سوقها في معرض ذلك.