وفي هاتين الآيتين: إشارة تنديدية إلى الذين يجادلون في وجود الله وربوبيته الشاملة واستحقاقه وحده للعبادة بغير علم ولا برهان اتباعا لوسوسة كلّ شيطان متمرّد يضلّ من يتبعه عن طريق الحقّ ويوصله إلى عذاب السعير.
وقد روى المفسرون «١» أن الآيتين نزلتا في النضر بن الحارث أحد أشداء مجادلي كفار قريش مع النبي ومناوئيهم له. وهذا الشخص تكرر اسمه في مناسبة كثير من المواقف الجدلية التي حكتها الآيات المكية.
وأسلوب الآيتين تنديدي عام من جهة، وفيهما قرينة على أن التنديد فيهما موجّه إلى فريق من الكفار الذين يسيرون في مواقفهم الجحودية والجدلية وراء تلقين زعماء كفار من جهة ثانية. وهما تعقيب بياني على المطلع فيما هو المتبادر من جهة ثالثة فقد احتوى المطلع هتافا بالناس ليتقوا الله من اليوم العظيم، فجاءت الآيتان تذكر موقف بعض الناس الضّالين الذين يجادلون في الله ويستمعون إلى وساوس الشياطين. وفيهما على كلّ حال صورة من صور المواقف الجدليّة التعجيزية، التي لا يسندها منطق ولا حقّ ولا برهان، والتي كان يقفها الكفار من الدعوة النبويّة بتأثير زعماء الضلال والمناوأة، الذين يمكن أن يكونوا قصدوا في جملة كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ من جهة رابعة.
(١) انظر تفسير الآيات في تفسير الطبري والبغوي وابن كثير والطبرسي وغيرهم.