الوقائع لذاتها، وأن الأولى إبقاؤها في هذا النطاق وعدم التزيد والتخمين في صدد ماهية ما احتوتاه.
ومما يتبادر لنا أيضا أن في آيات المجموعتين قصدا إلى تذكير بني آدم بتكريم الله لهم في اختيارهم ليكونوا أصحاب الشأن والأمر في الدنيا- وهو ما نرجحه من معنى جملة: إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً وفي أمره الملائكة بالسجود لأبيهم وفي تعليم أبيهم الأسماء كلها مما لم يكن يعلمه الملائكة، وكون ذلك كله مما يوجب عليهم شكره والإخلاص له وحده. وقد يكون مما قصدته بيان حالة الملائكة للعرب الذين كانوا يعبدون الملائكة ويشركونهم مع الله ولهم في أذهانهم صورة فخمة حتى يرعووا ويخلصوا العبادة والاتجاه إلى الله وحده والله أعلم.
ولقد جاءت الآيتان الأخيرتان من المجموعة الثانية لتدعما كل ذلك أو تركزه بتذكيرهما بني آدم بأنهم معروضون في الأرض للامتحان بما يرسله الله تعالى إليهم من رسل يدلونهم على طريق الهدى، فمن اهتدى نجا وسعد ومن كفر وكذب هلك وشقي.
[تعليق على تقديم تعليم آدم على مقطع الأمر بالسجود له]
هذا ويلحظ أن المقطع الأول من المقطعين في الآية الذي فيه المحاورة بين الله عز وجل والملائكة وتعليم آدم قد سبق المقطع الثاني الذي فيه الأمر للملائكة بالسجود لآدم. في حين أن صيغة القصة في سورتي (ص) والحجر صريحة لأن الأمر بالسجود كان فوق خلق آدم وهذا يقتضي أن يكون تعليم آدم بعد ذلك. والله أعلم، بل ويقتضي أن يكون بعد هبوط آدم إلى الأرض وإيذانه بأن الله سوف ينزل هداه عليه وعلى ذريته فينجو المتبع له ويخسر المنحرف عنه. ويتبادر لنا بناء على ذلك أن في نظم المقطعين تقديما وتأخيرا وهذا مألوف في النظم القرآني ولا حمل للاستشكال بسبب تقدم المحاورة وخبر تعليم آدم للأسماء ونقول هذا في صدد الصيغة ونظمها. ونقول إن الموضوع كله من المتشابهات التي قال الله في آية سورة