للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليك فقولوا وعليك» «١» ومنها حديث رواه الشيخان والترمذي عن عائشة قالت «دخل رهط من اليهود على رسول الله فقالوا: السام عليك، ففهمتها فقلت: عليكم السام واللعنة، فقال رسول الله، مهلا يا عائشة فإنّ الله يحبّ الرفق في الأمر كله.

فقلت يا رسول الله أو لم تسمع ما قالوا؟! قال فقد قلت وعليكم» وفي رواية لمسلم «فسمعت عائشة فسبّتهم فقال رسول الله: مه يا عائشة فإنّ الله لا يحبّ الفحش ولا التفحّش» «٢» . وواضح من هذا أن التعليم النبوي متصل بما كان من مواقف اليهود الكيدية والعدائية والمؤذية، بحيث يسوغ القول إنه ليس من شأنه أن يمنع المسلم من ردّ التحية على غير المسلم بأحسن منها أو بمثلها إذا كانت بريئة من الكيد واللمز صادرة عن رغبة المسالمة والموادة عملا بنصّ الآية وبنص آية سورة الممتحنة هذه لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٨) بل وليس من شأنه أن يمنع المسلم من التسليم على جماعة من أهل الكتاب أو فيهم أهل كتاب استنادا إلى الحديث الذي رواه البخاري والترمذي الذي أوردناه آنفا. والله أعلم.

ويلحظ أن بعض الأحاديث لا تقتصر في تلقينها على التساوق مع الآية في إيجاب ردّ التحية بالأحسن أو بالمثل بل احتوت تأديبا ببدء الغير بالتحية أيضا.

وليس في هذا تناقض مع الآية وإنما هو توضيح وتتمة نبويان واجب الالتزام بهما أيضا.

ولقد علقنا في سورة الزخرف على موضوع السلام في القرآن والحديث ومداه فننبّه على ذلك في هذه المناسبة.

[[سورة النساء (٤) : آية ٨٧]]

اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً (٨٧) .


(١) انظر التاج ج ٥ ص ٢٢٧. وقد فسّر الشراح كلمة السام بالموت.
(٢) انظر المصدر نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>