شهادتهما أحقّ من شهادة الشاهدين الأولين. وأنهما لم يجنفا ولم يعتديا فيهما.
وحينئذ تقبل هذه الشهادة وتنقض الشهادة الأولى.
وقد احتوت الآية الثالثة (١) تعليلا بأن هذه الطريقة التي جعلت بها شهادة أولياء الميت حجة مقبولة ضد شهادة الشاهدين الأصليين من شأنها أن تجعلهما يتحريان الحق ويلتزمانه ويصدقان في شهادتهما خشية التكذيب والفضيحة من جراء ردّ شهادتهما وجعل حق لأولياء الميت في الشهادة بدلا منهما. (٢) وتحذيرا للمسلمين. فعليهم أن يتقوا الله في حقوق بعضهم. وأن يسمعوا ويطيعوا أوامره.
فإن الله لا يوفق الفاسقين عن أوامره ونواهيه.
تعليق على الآية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ إلخ والآيتين التاليتين لها وما فيها من أحكام وصور وتلقين
والآيات كما يبدو فصل جديد. ولعلّها نزلت بعد الآيات السابقة فوضعت في مكانها أو لعلّها وضعت في مكانها للتناسب التشريعي الملموح بينها وبين سابقاتها.
ولقد روى البخاري والترمذي حديثا في صدد هذه الآيات عن ابن عباس جاء فيه «خرج رجل من بني سهم مع تميم الداري وعدي بن بدّاء فمات السهمي بأرض ليس فيها مسلم فلما قدما بتركته فقدوا جاما من فضة مخوّصا بالذهب فأحلفهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم وجد الجام بمكة فقيل اشتريناه من عدي وتميم. فقام رجلان من أولياء السهمي فحلفا بالله لشهادتنا أحقّ من شهادتهما وأن الجام لصاحبهم. قال وفيهم نزلت يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ الآية»«١» .
وقد روى الطبري هذه الرواية مع شيء من الزيادة والبيان خلاصته أن اسم السهمي بديل وأنه كان في رحلة تجارية في الشام وأن تميم الداري وعدي بن بداء