سافرا معه وكانوا على دين النصرانية حينئذ. وإنه لما مرض وشعر بدنوّ أجله كتب قائمة بمتاعه ودسّها فيه وعهد إلى رفيقيه المذكورين بتسليم متاعه إلى أهله وإنهما فتشا متاعه بعد موته فوجدا فيه الإناء المخوّص بالذهب فأخذاه لنفسهما وسلّما بقية المتاع لأهله. ثم باعاه في مكة. وفتح أهل الميت المتاع فوجدوا القائمة وسألوا الرفيقين فأنكراه. ثم وجدوا الإناء في يد شخص في مكة فقال إنه اشتراه منهما فراجعوا النبي صلى الله عليه وسلم فعقد مجلسا بعد صلاة العصر وحلّف الرجلين فأصرّا على الإنكار وفي رواية ادّعيا أن الإناء لهما فتقدم اثنان من أولياء الميت فحلفا أنه لقريبهم فقضى النبي صلى الله عليه وسلم لهم وفي رواية إن الشاهدين بعد أن حلفا تركا وشأنهما ثم إن تميما أسلم وتأثّم من عمله فأخبر أهل الميت بالحقيقة وردّ إليهم ما أخذه من ثمن الإناء فراجعوا النبي وأظهروا استعدادهم للشهادة فاستشهدهما ثم حكم على عدي بردّ ما قبضه من ثمن الإناء فانتزع منه ولم تلبث الآيات أن نزلت. وليس في هذا البيان ما يمنع صحته ولا ما يتعارض مع حديث ابن عباس. وهناك رواية تذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر في المسألة وحكم فيها بعد نزول الآيات وفاقا لها. وحديث ابن عباس يذكر أن الآيات نزلت بعد النظر والحكم وسنده أقوى. وفي هذه الحالة يكون النبي صلى الله عليه وسلم نظر وحكم في المسألة بإلهام رباني ثم نزلت الآيات بإقرار ذلك وبأسلوب يجعل الأسلوب الذي نظره وحكم به النبي صلى الله عليه وسلم تشريعا عاما في الحالات المماثلة. ومثل هذا قد تكرر ونبهنا عليه في مناسبات سابقة.
ولقد تعددت الأقوال التي يوردها المفسرون عزوا إلى بعض أصحاب رسول الله وعلماء التابعين وتابعيهم فيما احتوته الآيات من معان وأحكام. وقد استوعبها الطبري أكثر من غيره «١» . وهذا إيجاز لها:
١- هناك من أوّل جملة مِنْ غَيْرِكُمْ بمعنى أهل الكتاب أو بمعنى غير المسلمين إطلاقا. وهناك من قال إنها تعني من أسرة غير أسرة المتوفى أو حيّه أو عشيرته من المسلمين. وروي عن الزهري في صدد تأييد الرأي الثاني قوله إن السنة