مضت على عدم جواز شهادة كافر على مسلم لا في حضر ولا في سفر وإن الجملة هي في المسلمين فيما بينهم. ومعظم الأقوال بأنها تعني من غير المسلمين إطلاقا.
ويدخل في ذلك المجوس والمشركون والوثنيون مع أهل الكتاب. وقد صوّب الطبري هذا وفنّد صرف جملة مِنْ غَيْرِكُمْ إلى عشيرة أهل الميت أو حيّه لأن الخطاب موجّه للمؤمنين. وهو تصويب في محلّه. وقد يرد أن القسم بالله لا يتوقع الصدق فيه إلّا من مسلم. ويرد على هذا أن الكتابيين والمشركين كانوا يؤمنون بالله ويحلفون به حيث يكون توقع الصدق واردا منهم أيضا.
٢- ومن أصحاب الرأي الثاني من قال:(أولا) إن إشهاد غير المسلمين في مثل هذا الموقف مشروط بأن لا يكون هناك مسلمون يمكن إشهادهم. ومنهم من قال إن (أو) للتخيير حيث يصح إشهاد مسلمين وغير مسلمين. والمتبادر أن القول الأول هو الأوجه مع تنبيه أو استدراك. فالآية تجعل صفة العدل مما يجب توفره في الشاهد بحيث يصحّ أن يقال إن للموصي إذا لم يطمئن لاستقامة وأمانة من حضره من المسلمين أن يوصي من يطمئن باستقامته وأمانته ممن حضره من غيرهم. والله أعلم. (وثانيا) إن أصحاب هذا الرأي قالوا إن إشهاد غير المسلمين إنما يجوز في السفر لأن في هذه الحالة فقط يتوقع عدم وجود مسلمين للشهادة.
وقد يكون هذا متسقا مع نصّ الآيات وظرف نزولها. غير أن تعذر وجود شهود من المسلمين في بعض الظروف المستعجلة والحرجة يكون واردا. وروح الآيات تسوغ كما هو المتبادر لنا استشهاد غير المسلمين في غير السفر إذا تعذّر وجود مسلمين والله تعالى أعلم. (وثالثا) هناك من قال إن شهادة غير المسلمين كانت مقبولة في البدء ثم نسخت بآية البقرة [٢٨٢] التي نزلت بعد هذه الآيات والتي قصرت الشهادة على المسلمين في جملة مِنْ رِجالِكُمْ وهناك من قال إنها محكمة لم تنسخ. والمتبادر أن هذا هو الأوجه، لأن تعذّر وجود شهود من المسلمين وارد في كل ظرف. (ورابعا) إن هناك من قال إن شهادة غير المسلم على المسلم لا تجوز إلا في قضية وصية. ويبدو مما أورده الطبري من أقوال عديدة أن هذا مجمع عليه. ولم يرد في الأقوال ما ينقضه. ولكن مما يرد على البال أن يكون