الإلية وقالوا إن ما اختلط بهذا العظم من الشحم هو المستثنى دون الإلية.
في الآية الأولى إشارة إلى ما حرّم الله تعالى على اليهود من لحوم كل ذي ظفر ومن شحوم البقر والغنم، وإلى أن هذا التحريم إنما كان قصاصا على ما بدا منهم من بغي وانحراف وفيها توكيد بأن هذا الصدق لا يتحمل ريبا. أما الآية الثانية فقد وجه الخطاب فيها إلى النبي صلى الله عليه وسلم. بإنذار المشركين إذا كذبوه بأن المجرمين لن ينجوا من عذاب الله القاصم على ما اتصف به من الرحمة الواسعة وقد انطوى في هذا أن المجرمين بإجرامهم قد حرموا من رحمة الله.
ولم ير المفسرون مناسبة خاصة لنزول الآيتين والمتبادر أنهما استمرار للمناظرة القائمة بين النبي صلى الله عليه وسلم والمشركين وفصل من فصولها. وبالرغم مما يبدو لأول وهلة من غرابة بسبب ذكر اليهود فإن إنعام النظر يؤدي إلى لمس الصلة ووحدة الموضوع بين الآيتين والآيات السابقة.
تعليق على آية وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ
ويتبادر أن هناك ثلاثة احتمالات لقيام تلك الصلة: الأول قصد الاستدراك في صدد التحريمات. فالآيات السابقة أمرت النبي صلى الله عليه وسلم بأن يقول إنه لم يجد فيما أوحي إليه من المحرمات إلّا الأربعة المذكورة فأتبعت بالآيتين للإشارة إلى ما حرمه الله على اليهود خاصة إضافة إلى الأربعة المذكورة. وهو لحم كل ذي ظفر وشحم الغنم والبقر. وبذلك تبدو الصلة بين الآيتين وسابقاتهما واضحة من حيث إن التحريم الرباني على اليهود هو وحي رباني. والثاني أن المناظرين الذين كانوا يعرفون على الأرجح أن عند اليهود محرمات أخرى احتجوا في سياق المناظرة بتحريم التوراة لحم كل ذي ظفر وشحم الغنم والبقر بقصد إفحام النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يعلن إيمانه بالتوراة وكونها منزلة من الله، وكون القرآن قد جاء مصدقا لما بين يديه من الكتب المنزلة، ثم بقصد تبرير تقاليدهم على اعتبار أنهم ليسوا بدعا في نسبة ما هم عليه من تقاليد التحريم والتحليل إلى الله تعالى، وفي دعوى كون ذلك متوارثا الجزء الرابع من التفسير الحديث ١٢