للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوساوس والنزغات دائما ويرتكسون نتيجة لذلك في مختلف الانحرافات والآثام.

ولقد أورد الطبري في سياق الآية الأولى حديثا عن سفيان بن عيينة عن رجل سمّاه قال: «لما نزلت هذه الآية خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يا جبريل ما هذا؟ قال ما أدري حتى أسأل العالم قال ثم قال جبريل يا محمد إن الله يأمرك أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك» وروى الطبري هذا بطريق آخر عن أبيّ أيضا. والحديث لم يرد في كتب الأحاديث المعتبرة. ولكن صحته محتملة وفيه توضيح وتساوق مع تلقين الآية القرآنية كما هو واضح.

ولقد أورد ابن كثير في سياق الآية الثانية حديثا جاء فيه: «إنّ رجلين تسابّا بحضرة النبي صلّى الله عليه وسلّم فغضب أحدهما حتى جعل أنفه يتمرّغ غضبا، فقال رسول الله إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» . وقد روى هذا الحديث البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود بصيغة مقاربة عن سليمان بن صرد قال: «استبّ رجلان عند النبي صلّى الله عليه وسلّم فجعل أحدهما تحمرّ عيناه وتنتفخ أوداجه فقال رسول الله إني لأعرف كلمة لو قالها لذهب عنه الذي يجد. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. فقال وهل ترى بي من جنون» «١» . حيث ينطوي في الحديث تعليم نبوي متساوق مع التعليم القرآني.

تعليق على الأمر بالاستعاذة من نزغات الشيطان ومدى هذه النزغات في النبي صلّى الله عليه وسلّم وسائر الناس

والتعليم بالاستعاذة من نزغات الشيطان ووساوسه يأتي هنا للمرة الثانية.

والمرة الأولى جاءت في سورة الناس وقد ذكر فيها الجنة بدلا من الشيطان هنا.


(١) التاج ج ٥ ص ٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>