للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في حيرة من تتمة الروايات وبخاصة من حديث ابن عمر الذي يرويه الشيخان.

فليست هذه أولى مرة يؤذن القرآن ورسول الله بأن الله لن يغفر لهم سواء استغفر لهم أم لم يستغفر حيث ورد هذا في الآية [٦] من سورة المنافقون. ويصعب علينا أن نسلّم بأن رسول الله استغفر لهم أو همّ بذلك. أو حدّث نفسه، بعد هذا التوكيد الحاسم الذي جاء في الآية التي نحن في صددها بعد آية المنافقون. أو أن يكون قد فهم عبارة آية التوبة فهما عدديا. ولا سيما أنها تلهم بقوة أنها على سبيل التغليظ والتشديد. ومع ذلك فليس لنا إذا صح الحديث إلا أن نقول إن النبي صلى الله عليه وسلم قد اجتهد في الأمر ورأى أن التأييد القرآني بعدم مغفرة الله للمنافقين هو في حق أناس علم الله أنهم لا يصدقون في الندم وطلب الغفران وأن عفو الله تعالى ورحمته تتسعان لقبول استغفاره لمن يرى أن يستغفر له منهم إذا ما استغفر لهم أكثر من سبعين مرة. أو لمن يرى أنه صادق في ندمه وتوبته وطلب الغفران. ولعلّه استند في اجتهاده إلى الآية [٧٤] التي شجعت المنافقين بعد أن قررت أنهم قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إيمانهم وهمّوا بما لم ينالوا على التوبة والندم ودعتهما إليهما وقالت إن ذلك خير لهم تساوقا مع الهدف الإصلاحي الذي استهدفته حكمة التنزيل من جعل باب التوبة مفتوحا لكل الناس مهما فعلوا على ما شرحناه في سورة البروج.

وسيأتي في سياق آيات تجيء بعد قليل حديث بأن بعض المنافقين ممن لم يكن النبي يعلم نفاقهم جاؤوه نادمين وطلبوا أن يستغفر لهم فاستغفر لهم ودعا لهم مما قد يكون فيه تدعيم. والله تعالى أعلم.

[سورة التوبة (٩) : الآيات ٨١ الى ٨٥]

فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ (٨١) فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (٨٢) فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخالِفِينَ (٨٣) وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ (٨٤) وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ (٨٥)

.

<<  <  ج: ص:  >  >>