(٢) خلاف رسول الله: إما أنها بمعنى خلف أو بعد أو وراء وإما أنها بمعنى مخالفة لرسول الله.
(٣) مع الخالفين: قيل إنها بمعنى المخالفين. وهناك من قرأها كذلك.
وقيل إنها بمعنى المتخلفين الذين تجعلهم طبيعة حالتهم يتخلفون كالنساء والصبيان والزمنى والمرضى والعميان. وهذا هو الأوجه كما هو المتبادر.
عبارة الآيات واضحة. وقد تضمنت:
١- إشارة تنديدية إلى ما كان من فرح المتخلفين عن غزوة تبوك واغتباطهم بسبب نجاحهم في الاعتذار والتخلف كراهة منهم للجهاد بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله. وما كان من تثبيطهم غيرهم عنها بحجة شدة الحر.
٢- وردّا عليهم مع الإنذار والإغلاظ. فعلى النبي أن يهتف جوابا على هذا بأن نار جهنم التي استحقوها بسبب مواقفهم أشدّ حرا لو علموا. وأنهم إذا فرحوا وضحكوا الآن فليس إلا لوقت قصير يعقبه البكاء الكثير والندم الشديد على ما اقترفوا. وعلى النبي إذا ما أعاده الله إلى المدينة سالما واستأذنه المتخلفون ليخرجوا معه في غزوة أخرى أن يرفض السماح لهم وأن يلعنهم أنهم لن يكون لهم ذلك ولن يقاتلوا معه عدوا. لأنهم رضوا بالقعود أول مرة وابتهجوا فليبقوا حيث هم مع الخالفين بعيدين عن المكرمات. ثم عليه أن لا يصلي على أحد يموت بعد الآن منهم قط. ولا يقف على قبره داعيا له. فقد كفروا بالله ورسوله وماتوا على كفرهم وفسقهم فلم يبق محل للأمل فيهم والإشفاق عليهم والاستغفار والدعاء لهم. وعليه أن لا يغترّ ويعجب بما لهم من مال وولد مهما كثر وأن لا يظن أنها نعمة من الله رآهم جديرين بها. وإنما هي ابتلاء واختبار. وستكون سببا لعذابهم في الدنيا وخروجهم منها كافرين نتيجة لما هم عليه من خبث نية وسوء طوية ومنكر أفعال ومواقف.