إن القرآن الكريم ليس منبتّ الصلة بتاريخ أمتنا العربية، وليس معزولا عن كل ذي فكر، وبوجه خاص عن الباحثين والمؤرخين الذين يهتمون بتوخي الحقائق واعتماد أصدق المصادر في أبحاثهم، ولا غرابة أن أقدم الأستاذ الجليل محمد عزة دروزة على إيجاد مثل هذا التفسير، فقد انصرف الأستاذ الكريم كل الانصراف إلى البحث في تاريخ العرب وأنى له أن يجد معينا ينهل منه ويستقي أحسن وأفضل وأوثق من القرآن الكريم.
لقد عزم المؤلف على كتابة التفسير بعد جهود كبيرة بذلها في مطالعة الكتب والتفاسير العديدة بالإضافة إلى الجهود التي بذلها في تقديم كتبه السابقة، وفيها أداة المادة ونواة المؤلّف الجديد، ونتيجة لذلك فقد انتهج في تفسيره الخطة التالية:
١- تجزئة المجموعات والفصول إلى جمل تامة، يصح الوقوف عندها من حيث المعنى والنظم والسياق، وقد تكون الجملة آية واحدة أو آيات قليلة أو سلسلة طويلة من الآيات.
٢- شرح الكلمات والتعابير الغريبة وغير الدارجة كثيرا، بإيجاز ودون تعمق لغوي ونحوي وبلاغي، إذا لم تكن هناك ضرورة ماسة.
٣- شرح مدلول الجملة شرحا إجماليا، حسب المقتضى المتبادر بأداء بياني واضح، ودون تعمق كذلك في الشروح اللغوية والتنظيمية. مع الاستغناء عن هذا
(١) انظر العدد الثاني/ شباط- آذار- نيسان ١٩٦٥ م، السنة الثامنة عشرة، دمشق.