تعليق على الآية ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ والآيتين التاليتين لها وما فيها من تلقين
الآيات تحتوي تذكيرا بحالة ثلاث فئات من النساء ومصائرهن:
(١) فالفئة الأولى كافرات في عصمة مؤمنين صالحين. والمثال عليها امرأتا نوح ولوط. فقد خانتا زوجيهما وكفرتا فلم تنفعهما زوجيتهما بنبي ولم يغن زوجاهما عنهما من الله شيئا. وحقّت عليهما النار في جملة من حقت عليه.
(٢) والثانية مؤمنة في عصمة كفار متمردين على الله. والمثال على ذلك امرأة فرعون. فقد آمنت وأنابت إلى الله واستنكرت ظلم فرعون وكفره ودعت الله بأن ينجيها منه من تبعة عمله وبأن يكون لها بيت عنده في الجنة. وينطوي في هذا تقرير كون زوجيّتها لفرعون لم تضرّها وكونها نالت من الله الرضاء وحسن الجزاء.
(٣) والثالثة مؤمنة لم ترتبط بعصمة الرجال. والمثال عليها مريم ابنة عمران. فقد آمنت بالله وكتبه وخضعت له واعتصمت به. وأحصنت فرجها فكرمها الله بأن نفخ فيه من روحه. وينطوي في ذلك أيضا تقرير كونها نالت رضاء الله عنها.
ولم نطلع على رواية خاصة بنزول هذه الآيات أيضا. والمتبادر أنها متصلة بموضوع آيات السورة وخاصة بفصلها الأول صلة تمثيل وتذكير لنساء النبي صلى الله عليه وسلم اللائي صدر من بعضهن ما صدر، وأنه أريد بها كما تلهمه تقرير كون رابطتهن الزوجية بالنبي صلى الله عليه وسلم ليس من شأنها وحدها أن تنجيهن من عذاب الله أو تضمن لهن رضاءه وأن هذا وذاك متوقف على عملهن وسلوكهن.
والإطلاق في الآيات يجعل العظة التي استهدفتها والأمثال التي ضربتها والتذكير الذي ذكرت به موجها إلى عموم المسلمين ومستمر التلقين. وخاصة في صدد كون المرء لا ينجيه إلّا عمله مستقلا عن أية رابطة تربطه بغيره.