والاستخفاف والإعراض والاستكبار. ومن المحتمل أن يكون هذا الموقف وجاهيا كما أن من المحتمل أن تكون الآيات الأولى من السورة جاءت كمقدمة تمهيدية له.
تعليق على الآية وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ وحديث ورد في صددها في الغناء والمغنيات
ولقد روى المفسرون عن أهل التأويل في الصدد الأول أن جملة لَهْوَ الْحَدِيثِ تعني الغناء. وأوردوا حديثا رواه الترمذي أيضا عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا تبيعوا القينات ولا تشتروهنّ ولا تعلّموهنّ ولا خير في تجارة فيهن وثمنهنّ حرام»«١» وفي مثل هذا أنزلت الآية وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (٦) ولقد علق ابن كثير على الحديث قائلا إنه غريب وإن أحد رواته وشيخه والراوي عنه كلهم ضعفاء.
ومع هذه العلل فإذا صح الحديث فيكون فيه استلهام نبوي في العهد المدني من تلقين الآية وحسب. ومع أن الغناء في حدّ ذاته يمكن أن يوصف بصفة (اللهو) فالمتبادر من روح الآيات ومضمونها أن المقصود من الكلمة هو أوسع شمولا من الغناء بحيث يمكن أن تتناول كل باطل من قول وعمل مؤدّ إلى احتلال الناس وصرفهم عن الحق والطريق السوي والتلهي بذلك والاستهزاء والاستهانة به عن الحق. ولقد أورد الطبري الأقوال ثم قال إن الكلمة عامة تتناول الغناء والشرك وتتناول كل ما نهى الله ورسوله عن سماعه والاشتغال به، وهذا هو المتبادر من روح الآيات كما ذكرنا.