وتمييز أواخر الكلمات ولا سيما حينما يتأخر الفاعل ويتقدم المفعول مثلا، ومما لا ريب فيه أن إدخالهما على الخط العربي عامة وعلى المصحف خاصة خطوة خطيرة جدا في سبيل الإتقان والإحسان والفهم والتمييز. والمرجح أنهما لم يخترعا كاملين، وإنهما سارا سيرا تطوريا حتى بلغا مبلغهما التام في القرنين الثاني والثالث الهجريين.
[علامات الوقف والوصل:]
سابعا: علامات الوقف والوصل والأداء:
إن ما قررناه في الفقرة السابقة يصح على علامات الوقف والوصل والمدّ والقصر والسكون فوق الكلمات والحروف القرآنية في المصحف العثماني، من حيث كونها محدثة وليست أصيلة في المصحف العثماني ومن حيث قصد ضبط قراءة القرآن وإتقان أداء كلماته وحروفه مع التنبيه على أنه دون خطوة الشكل والنقط خطورة أولا وأنها قد أحدثت بعد هما على الأرجح ثانيا. وننبه كذلك على أن ما نقصده هو وضع العلامات، وهذا لا يقتضي طبعا أن لا يكون النبي عليه السلام وأصحابه قد عنوا بالوقوف على ما ينبغي الوقوف عليه ووصل ما ينبغي وصله والسكوت عند ما يجب السكوت ومدّ ما يقتضي مدّه وقصر ما يحسن قصره إلخ. فلا يصح أن يشك في أن كل هذا قد كان، وأنه متصل بطبيعة النطق الخطابي والتقريري التي هي من طبيعة التلاوة القرآنية ومقتضيات أداء معاني القرآن مما لا يمكن إلا أن يكون، سواء في تلاوته من النبي على الناس أم تلاوته من قبل الصحابة، وسواء أكان ذلك في الصلاة أم في مجال التلاوة والوعظ والبيان، فضلا عن أن طبيعة الخطاب والتلاوة بوجه عام تقتضي ذلك. والراجح أن الأمر القرآني وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا [المزمل ٤] . وهو من أوليات القرآن نزولا هو في صدد ذلك أو مما استهدفه. وتلاوة القرآن على الأداء المعروف متصلة فيما يعتقد بالسماع خلفا عن سلف حتى تتصل بالعهد النبوي. وقد جرى الأمر على هذا بالتواتر الفعلي السماعي الذي لم ينقطع من لدن النبي عليه السلام. ومما لا ريب فيه أن العلامات الجزء الأول من التفسير الحديث ٩