تعالى، فهو العزيز القوي الذي لا يعجزه شيء ولا يناله نائل، وهو مع ذلك الغفور للناس إذا ما تابوا إليه وأنابوا.
والآيتان ليستا منقطعتي الصلة بالسياق، وهما فصل مماثل للفصول السابقة التي احتوت تقريرات عن مشاهد قدرة الله وعظمة كونه، وتخللها دعوة وعظة وتدعيم.
ويلحظ بالإضافة إلى ما قلناه أن الآيات تنطوي على تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم فجميع ما خلق الله متنوع مختلف، ومن ذلك الناس، فلا غرو أن يكون بينهم الجاهل والأحمق والمعاند والمكابر والمستكبر والعالم والواعي والراضخ للحق والمستجيب إلى دعوة الهدى، ولا موجب- والحال هذه- لغمه وحزنه من موقف الأولين، وفي موقف الآخرين الذين استجابوا إليه الغناء، فالعلماء الواعون هم الذين يدركون معاني دعوته ويستجيبون إليها ويخشون الله عز وجل. وفي الآيات التالية ما يؤيد ذلك.
تعليق على جملة إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ وتلقينها
وجملة إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ تتضمن بذاتها تنويها بالعلماء ودعوة إلى اتخاذهم قدوة وأسوة. وتتضمن بالإضافة إلى ذلك تحميلهم من التبعات والمسئوليات الخاصة والعامة ما لا تتحمله الطبقات الأخرى، وتنبيههم إلى ما عليهم من واجبات وتبعات خاصة وعامة أيضا. ومن جملة ذلك إدراك الحقيقة الإلهية الكبرى وخشيتها وتقواها والتبشير بها أكثر من غيرهم. ومضاعفة مسؤولياتهم عن التقصير في ذلك. وفي كل هذا تلقين جليل وخطير مستمر المدى على مدى الأجيال كما هو واضح.
ومن تحصيل الحاصل أن يقال إن التنويه الذي تضمنته الجملة بالعلماء مصروف بنوع خاص إلى الذين يؤديهم علمهم وإدراكهم إلى معرفة الله تعالى وخشيته وتقواه.