الآية تأمر الذي يظنّ أن الله لن ينصره في الدنيا والآخرة بتعليق حبل في السقف، وشنق نفسه به ليرى ما إذا كان هذا العمل يشفي غيظه ويذهب حنقه.
ولقد روى الطبري والبغوي وغيرهما، أن هذه الآية نزلت في أسد وغطفان، الذين كانوا حلفاء لليهود وتباطأوا عن الإسلام وقالوا نخاف أن لا ينصر محمد فينقطع الذي بيننا وبين حلفائنا. والرواية تقتضي أن تكون الآية مدنية ولم يذكر المفسرون ذلك صراحة. وكما استعدنا الرواية المروية في سياق الآيات [١١- ١٣] والتي تقتضي أن تكون هذه الآيات مدنية لأسباب ذكرناها نستبعد هذه الرواية لنفس الأسباب. وليس من الضرورة أن تكون الصورة صورة مدنية وحسب. وما دام وجد في العهد المكي من يرتدّ عن دينه استحبابا للحياة الدنيا، يصحّ أن يوجد فيه من يظنّ ما ذكرته الآية من ضعاف الإيمان والعصبية من مسلمي هذا العهد أيضا.
ويتبادر لنا أن الآية جاءت كتعقيب آخر على تلك الآيات التي نددت بالذين يعبدون الله على حرف ويجعلون إخلاصهم رهنا بما يصيبهم من رحمة الله وبرّه.
وقد انطوت على توبيخ وتقريع ساخرين. وعلى تقرير كون الإنسان لا يصحّ أن يؤمن إلّا على شرط أن لا يناله إلّا الخير. وكون الإيمان بالله مسألة مستقلة لا علاقة لها بأعراض الدنيا المتقلّبة على الناس، وكون واجب المؤمن التأميل في رحمة الله ونصره في الدنيا والآخرة لأن ذلك مما وعده الله به، وكون البطء في تحقق هذا الوعد والجزع والهلع واليأس منه غير متّسق مع معنى الإيمان بالله والثقة به والاعتماد عليه. وعلى من لا يتدبّر ويرعوي ويصدق أن يشنق نفسه! وكما أن شنق الإنسان لنفسه لن يشفيه من غيظه وغير ضارّ بغيره فكذلك المغيظ المحنق