وما حكته عنهم آية سورة الفرقان [٤] التي مرّ تفسيرها.
وطبيعي أن هذا لا يعني أن ما قاله المشركون مطابق للواقع. فالآيات تحكي قولهم كما هو وتردّ عليه ردّا صريحا قاطعا يعلن على مسمع جميع الناس ومسمع من كان قولهم يعنيهم من أهل العلم والكتاب في مكة بالإضافة إلى ما حكته آيات أخرى أوردناها قبل من إيمانهم بالرسالة المحمدية وشهادتهم بصدق صلة القرآن بالله ووحيه لأنهم رأوا أعلام النبوة في النبي صلى الله عليه وسلم واستطاعوا أن يتجردوا من الهوى والتعصب والمآرب. ورأى المشركون ذلك وسمعوه. وهذا كاف لتزييف هذا القول الذي استغله المبشرون والمغرضون من المستشرقين استغلالا بشعا على غير طائل ويدل على أنهم لم يدركوا مدى الوحي القرآني والرسالة المحمدية أو يكابرون ويغالطون فيهما على ما شرحناه في سياق سورة الفرقان شرحا يغني عن التكرار.
تعليق على جملة رُوحُ الْقُدُسِ
وروح القدس المذكور في الآية [١٠٢] فسّره المفسرون بالملك جبريل، والقدس بمعنى المقدس والمطهر وهو تعبير تكريمي كما هو المتبادر. وقد ذكر جبريل بصراحة في آية في سورة البقرة في صدد نزوله بالقرآن على قلب النبي صلى الله عليه وسلم وهي: قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (٩٧) مما يعضد هذا التفسير. ولقد ورد في سورة الشعراء تعبير الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) في صدد تنزيل القرآن. والمقصد هنا وهناك واحد على ما هو المتبادر. وقد علقنا بما يقتضي في تفسير تلك السورة وهو ما يصح قوله هنا فلا حاجة للإعادة.
[تعليق على الأمر بالاستعاذة من الشيطان في هذه الآيات]
ولعلّ الأمر بالاستعاذة من الشيطان في إحدى آيات السلسلة وتقرير كون