ذلك حديث رواه الإمام أحمد عن ابن مسعود قال:«خطّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا بيده ثم قال هذا سبيل الله مستقيما، وخطّ عن يمينه وعن شماله ثم قال هذه السبل ليس منها سبيل إلّا عليه شيطان يدعو إليه ثم قرأ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ [١٥٣] .
هذا ويلفت النظر إلى قيد قتل الأولاد خشية الإملاق حيث يجعل هذا القيد الفرق واضحا بين هذا العمل وقتل الأولاد المذكور في الآية [١٣٧] من هذه السورة من حيث إن ما ذكر في الآية [١٣٧] كان تقليدا دينيا على ما شرحناه في مناسبتها في حين أن ما ذكر في الآية [١٥١] التي نحن في صددها عمل ناتج عن أسباب اقتصادية.
هذا، والمصحف الذي اعتمدناه يذكر أن الآيات الثلاث مدينة ولم نر ما يؤيد ذلك في كتب أخرى. ويلحظ أن الانسجام قوي بينها وبين الآيات السابقة لها حتى لتكاد تكون جزءا غير قابل للانفصال عن المناظرة القائمة في صدد التحليل والتحريم. وأسلوبها أكثر انطباقا على أسلوب الآيات المكية من حيث هو أسلوب حثّ وتشويق ووصية. وأكثر من واحد من المفسرين «١» قالوا إن الآيات موجهة في الدرجة الأولى إلى المشركين ولهذا فإننا نتوقف في هذه الرواية.
ولعل الحديث الذي رواه الحاكم عن عبادة بن الصامت وأوردناه قبل قليل أوهم بعض الرواة أنها نزلت في المدينة ولم ينتبه إلى الصلة الشديدة بينها وبين الآيات السابقة. والله أعلم.
تعليق على جملة لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها
ومما يحسن لفت النظر إليه بخاصة تعبير لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها
في صدد توفية الوزن والكيل حيث يكون من المألوف شيء من النقص والزيادة فيهما