(٢) ذريّة: تكررت كثيرا في القرآن بمعنى أبناء الآباء وهي من ذرأ بمعنى خلق ونمّى. ومكانها هنا وفي غير مكان يفيد أنها تعني الجيل الذي يخلف الجيل السابق والذي هو من أبنائه وأنها تعني الآباء والأولاد من الجيل الحاضر صغارا كانوا أم كبارا.
المتبادر أن هذا الفصل وما بعده قد جاء معقبا على السلسلة القصصية السابقة له كما جاءت الآيات [٩٤- ١٠٢] معقبة على السلسلة القصصية السابقة لها، وأنها والحال هذه متصلة بالسياق. وهذا ما جرى عليه أسلوب النظم القرآني من التعقيب على القصص بسبيل تركيز الإنذار والتنديد والحجة.
وقد احتوت الآيات إعذارا ربانيا للناس حتى لا يكون لهم حجة عليه إذا ما أخذ المشركين والمجرمين بذنوبهم، فقررت بأسلوب التذكير أن الله قد أخذ العهد عليهم بالاعتراف بربوبيته وأشهدهم على أنفسهم بذلك حتى لا يقولوا إننا لم نعرف الحدود والواجبات، وأن آباءنا كانوا مشركين مبطلين قبلنا فورثنا دينهم وتقاليدهم وباطلهم وسرنا على طريقتهم كما هو معتاد الناس جيلا بعد جيل، فلا ينبغي أن نعاقب ونهلك على عمل لم نقترفه وإنما ورثناه ولم يكن لنا مندوحة عنه. وقد انتهت الآيات بالدعوة إلى الاعتبار، فالله يفصّل الآيات لعلّ الناس يرعوون ويرجعون ويسيرون في طريق الحق والهدى.