سجله القرآن مكررا من اختلاف أهل الكتاب. وعلة ذلك وواقعه. ونبهنا في التعليق على ما في التسجيل القرآني من حكمة ومقاصد فنكتفي بالإشارة إلى ذلك في مناسبة الآية التي نحن في صددها.
هذا والآية [٧٧] تكرار للآية الثالثة من السورة بفرق كلمة رحمة هنا مقابل بشرى هناك، وتكرارها في المناسبة التي جاءت بها ينطوي على مقارنة تنويهية بين الذين آمنوا برسالة النبي صلى الله عليه وسلم وآمنوا بكل ما جاء به القرآن واهتدوا، ومن جملة ذلك الآخرة، فكان لهم رحمة، وبين بني إسرائيل المختلفين فيما بينهم في كثير من نصوص كتبهم الدينية وبين الكفار الذين جحدوا رسالة النبي والقرآن وكذبوا بالآخرة.
في الآيات تثبيت للنبي صلى الله عليه وسلم وتسلية، حيث تأمره بجعل اعتماده على الله تعالى، وتطمئنه بأنه على الحق الواضح، وتسلية مقررة أنه ليس من شأنه ولا في إمكانه إسماع الموتى والصمّ وهداية العمي ورجعهم عن ضلالتهم، وأن كل مهمته وما في إمكانه أن يسمع الراغبين في الحق والهدى. فهم الذين يؤمنون بآيات الله وأسلموا أنفسهم إليه واستعدوا لتصديق كل ما يأتيهم من الله تعالى.
والمتبادر أن الآيات جاءت معقبة على الفصول التي سبقتها بعد انتهاء سلسلة القصص والتي حكى فيها حجاج الكفار وعنادهم، فهي من هذه الناحية استمرار للسياق ومتصلة به، وفيها قرينة على أن الآيات التي قبلها مباشرة متصلة بالسياق ومواقف الكفار الجدلية أيضا.