في السورة فصول ومشاهد متنوعة عما كان يقع بين النبي صلى الله عليه وسلم والكفار من مناظرات. وقد حكي فيها تعجيزهم وما كان يلهم بالنبي صلى الله عليه وسلم من همّ وغمّ من جرّائها. وفيها تنديدات وإنذارات قاصمة للكفار وبخاصة لزعمائهم على مواقف المكابرة والعناد التي يقفونها والأدوار الخبيثة التي يقومون بها. واستشهاد بالذين أوتوا الكتاب على صحة رسالة النبي صلى الله عليه وسلم وصلة القرآن بالله وشهادتهم بذلك. وفيها تقريرات عديدة عن عظمة الله تعالى وقدرته وشمول حكمه وبديع نواميس كونه.
وفيها فصول وصور عن عقائد العرب ونذورهم وتقاليدهم في الأنعام والحرث وقتل الأولاد والذبائح، وحجاج في صددها بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين الكفار وفيها مجموعة رائعة من الوصايا في التوحيد ومكارم الأخلاق وحملة على الذين يتبعون الأهواء.
والسورة من أمهات السور الجامعة الرائعة، وقد روى ابن كثير بخاصة وغيره من المفسرين مثل البغوي والطبرسي والخازن والزمخشري أحاديث عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدد خطورة هذه السورة ونزولها منها عن ابن عباس قال:
«نزلت سورة الأنعام بمكة ليلا جملة واحدة حولها سبعون ألف ملك يجأرون حولها بالتسبيح» وعن أسماء بنت يزيد قالت: «نزلت سورة الأنعام على النبي صلى الله عليه وسلم جملة واحدة وأنا آخذة بزمام ناقته، إن كادت من ثقلها لتكسر عظام الناقة» . وليس شيء من هذه الأحاديث واردا في كتب الصحاح بل ولم يرو الطبري الذي كان أقدم وأكثر المفسرين استيعابا للمأثور منها شيئا. ومع ذلك فيتبادر لنا أنها تدل على ما كان من ذكريات خطورة شأن السورة حين نزولها. وفصول السورة منسجمة