الكتابيين وغيرهم والمنافقين والآثمين من المسلمين بالفسق والظلم والإجرام والفساد والبغي والضلال أو قررت ضلالهم وأن الله لا يهديهم وأن النذر لا تؤثر فيهم وأنهم لن يجدوا من دون الله هاديا ولا نصيرا وأنذرتهم بالعذاب الأخروي الخالد والخزي. وسجلت عليهم لعنة الله وغضب الملائكة والناس أجمعين إلخ، ليست هي على ما يفيده فحواها وروحها على سبيل التأبيد إلّا بالنسبة للذين يصرون على كفرهم ونفاقهم وآثامهم وفسقهم وضلالهم ويموتون على ذلك فقط.
وإنها في ظروف نزولها كانت على سبيل وصف واقعهم من جهة ولإنذارهم وتخويفهم وحملهم على الارعواء والتوبة إلى الله من جهة أخرى. وهناك دليل من الوقائع الثابتة من سيرة الرسول صلّى الله عليه وسلّم على ذلك وهو أن كثيرا من الذين نعتوا في الآيات بما نعتوا وأنذروا بما أنذروا وقرر في حقهم وسجل عليهم ما قرر وسجل بل غالبيتهم- باستثناء غالبية يهود الحجاز الذين لم يكونوا بالنسبة لعرب الحجاز فضلا عن الجزيرة العربية إلّا أقلية ضئيلة- قد آمنوا في حياة النبي صلّى الله عليه وسلّم قبل الهجرة وبعدها وحسن إسلامهم ونالوا رضاء الله وتنويهه في القرآن في آيات كثيرة منها هذه الآية في سورة التوبة التي نزلت في أواخر حياة النبي صلّى الله عليه وسلّم: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٠٠) .