للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهناك أحاديث كثيرة تفيد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستقبل الوفود في مسجده ويتناظر معهم ويتبادل معهم العهود، ويراجعه الناس في مسجده بمشاكلهم المتنوعة ويقضي بينهم. ويعقد لقواده الرايات. ولقد أصيب سعد بن معاذ بسهم في واقعة الخندق فضرب النبي عليه خيمة في مسجده يعوده من قريب «١» ، وجعل له امرأة تعالجه. هذا فضلا عن مجالسه الوعظية التي كان يتحلق فيها حوله أصحابه يسمعون منه ويسألونه. حيث يفيد كل هذا ما كان مسجد رسول الله يتسع له من نشاط ديني ودنيوي معا. وفي سورة المائدة هذه الآية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ (١٠٦) حيث ينطوي فيها صورة مجلس قضائي عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجده. ولقد سار خلفاء النبي الراشدون على هذا. فكان المسجد دار خلافة ونشاط سياسي وديني معا. وإذا كان أولو أمر المسلمين أخذوا يتخذون دورا غير المسجد للحكم فإن المساجد كانت وظلّت منذ الصدر الإسلامي مكان علم وتعليم لطلاب العلم بالإضافة إلى كونها مكان وعظ ودرس علم لسواد المسلمين. وبالتالي ظلت تتسع لشؤون عامة غير الصلاة أيضا.

[سورة النور (٢٤) : الآيات ٣٩ الى ٤٠]

وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسابِ (٣٩) أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ (٤٠)

. (١) سراب. هو الظاهرة التي تظهر في القيعان في ظروف طبيعية خاصة بمظهر الماء والبحيرات.


(١) انظر التاج ج ٤ ص ٣٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>