ورغبتهم في الاستمتاع بخيراتها وطيباتها إطلاقا. فهذا من فطرة الله التي فطر الناس عليها، وإنما هو موجّه بخاصة للذين يندفعون في ذلك بدون تقيد ولا تحفظ ولا تفكير بالمصير الأخروي وما يجب عليهم إزاءه من حسن التصرف والقصد والقيام بالواجبات نحو الله عزّ وجلّ ونحو الناس. فالذين يأخذون من العاجلة أي من الحياة الدنيا ما هو مشروع لا إسراف فيه، ولا يهملون ما يجب عليهم نحو الله والناس ولا ينسون الآخرة والعمل لها لا يدخلون في شمول التنديد. وهذا مبدأ من المبادئ القرآنية المكررة بأساليب ومناسبات عديدة. وقد نبّهنا على ذلك في مناسبات سابقة.
تعليق على موضوع رؤية الناس لله عزّ وجلّ
ولقد كانت الآيتان وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (٢٢) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ من الآيات التي نحن في صددها وأمثالها مما يحتوي معنى رؤية الله من قبل عباده من المسائل الخلافية بين علماء الكلام والفرق الإسلامية. وهذه المسألة هي غير مسألة رؤية النبي صلّى الله عليه وسلّم لله عزّ وجلّ التي كتبنا تعليقا عليها في سياق بعض آيات سورة النجم وإن تكن غير منفصلة عن مداها بصورة عامة. ولقد استند فريق من العلماء إلى هاتين الآيتين وأمثالهما وإلى أحاديث نبوية وصحابية متنوعة الرتب فقالوا بإمكان الرؤية. واستند فريق آخر إلى آيات أخرى وإلى أحاديث مماثلة فقالوا بعدم إمكانها. ومن الفريق الأول من أكد إمكانها في الآخرة بنوع خاص استنادا إلى أحاديث نبوية عديدة توصف بالصحة والقوة. ومنهم من استند إلى آيات واحدة في النفي والإثبات.
فقال النافون إن آية سورة الأعراف وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (١٤٣) تنفي الرؤية على التأبيد باستعمالها تعبير لَنْ تَرانِي وإن تعليقها إمكان الرؤية على استقرار الجبل هو من قبيل تقرير كون الجبل لن يستقرّ