للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو الذي خلق السموات والأرض كما جاء في الآية [٢٥] وهم يعترفون بأن الله هو الذي خلقهم كما جاء في آية سورة الزخرف هذه: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (٨٧) فمن المناقضة أن يعترفوا بقدرة الله بدءا وينكروها إعادة، ومن الغباء أن يظنوا أن هناك تحديدا لقدرة الله وفرقا بالنسبة إليها بين خلق فرد وبين خلق جميع الناس وبعثهم، وفي ما هو ماثل أمامهم من عظمة كون الله الذي يعترفون بخلقه إياه وبآياته ونواميسه الباهرة فيه برهان لا يدحض على ذلك.

وجملة أَلَمْ تَرَ التي تبدأ بها الآية الثالثة قد تلهم أن سامعي القرآن يعرفون ويفهمون مدى ما احتوته الآيات من نواميس كونية ربانية، وبذلك يستحكم في المشركين منهم التنديد القرآني بقوة أشد، والله تعالى أعلم. وفي القرآن آيات فيها جملة أَوَلَمْ يَعْلَمُوا في مقام (أولم يروا) كما هو الأمر في الآية [٣٧] من سورة الروم والآية [٥٢] في سورة الزمر.

[تعليق على رواية مدنية الآيات [٢٧، ٢٨، ٢٩]]

ولقد روى المصحف الذي اعتمدنا عليه أن الآيات [٢٧ و ٢٨ و ٢٩] مدنيات. ولقد روى الطبري عن ابن عباس: «أن أحبار يهود قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة يا محمد أرأيت قوله وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا الإسراء: [٨٥] . إيانا تريد أم قومك فقال: كلاكما. فقالوا ألست تتلو فيما جاءك إنا قد أوتينا التوراة فيها تبيان كل شيء؟ فقال: إنها في علم الله قليل وعندكم من ذلك ما يكفيكم فأنزل الله فيما سألوه عنه من ذلك وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ ... إلخ [٢٧] ونحن نتوقف في هذه الرواية وفي رواية مدنية الآيات بالتبعية لأنها منسجمة مع ما قبلها وبعدها انسجاما وثيقا سبكا ومعنى وتوجيها وموضوعا على ما يبدو عند إنعام النظر. ولا تفهم أي حكمة لوضعها لو كانت مدنية في هذا السياق.

وقد روى بعض المفسرين «١» أن بعض المشركين سألوا النبي صلى الله عليه وسلم ذلك


(١) انظر تفسير الآيات في تفسير البغوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>