في السورة نهي عن موالاة الكفار الأعداء المعتدين مهما ربطت بينهم وبين المسلمين أرحام. ودعوة للتأسي بإبراهيم والمؤمنين معه في موقفهم من قومهم الكافرين. وتأميل باهتداء الكفار. وتقرير بأن النهي لا يتناول المسالمين بحيث لا حرج على المسلمين من موادة هؤلاء والبرّ بهم. وإنما يتناول الأعداء المؤذين والمتظاهرين معهم على الإسلام والمسلمين. وأمر بعدم إرجاع المسلمات المهاجرات إلى الكفار. وتحريم بقاء المسلمين مرتبطين بزوجاتهم الكافرات.
وأمر بمبايعة المسلمات وأخذ العهد عليهن استقلالا. وانطوى في السورة صور عديدة من السيرة النبوية. وتلقينات جليلة المدى.
وهي فصلان مستقلان في الموضوع متناسبان في الظروف. وإذا صحت الروايات التي سوف نوردها بعد فإن الأمر بمبايعة النبي صلى الله عليه وسلم للنساء المسلمات يكون قد نزل بعد الفتح المكي. وعلى كل حال فالذي نرجحه أنها من السور التي ألفت تأليفا في وقت متأخر بعد نزول ما اقتضت حكمة الله ورسوله أن تحتويه من فصول.
والمصحف الذي اعتمدنا عليه وكذلك روايات ترتيب النزول الأخرى «١» تذكر أن هذه السورة نزلت بعد سورة الأحزاب وقبل سورة الفتح التي احتوت إشارة إلى رحلة الحديبية وصلحها بسور عديدة. في حين أن مضامينها والروايات الواردة في صددها تسوغ القول- بقوة- بأنها نزلت بعد ذلك الصلح، بل وبين يدي فتح
(١) انظر روايات ترتيب نزول السور المدنية في كتابنا سيرة الرسول ج ٢ ص ٩.